سياسة

المضحك المبكي

حدثنا أبو نزار الطنجي قال :
عدت الى بلاد البحر و الممنوعات بعد غيبة أعوام, ورحت أتجول بشوق و حنين بين شارع ماربيل و الجبل و طريق القصر الصغير , تغيرت معالم الشوارع و الطرقات و ارتفعت فيه الأبنية و العمارات و الفيلات , توجهت نحو مقهى شعبي الى السوق الداخل علي أحظى برؤية صديق يخفف عني الضجر و الضيق , وما أن دخلت المقهى حتى لمحت أحد رفاق الدراسة قضى زهرة شبابه في العمل السياسي أخدته بالأحضان و نظرت أليه بافتتان قلت ما فعل بك الزمان يا أخي رشيد.
قال أما زلت كعهدي بك تحب المزاح أم أنك لم تسمع عن عصر الممنوعات و الانفتاح و تنويع مصادر الأرباح ؟ أنا اليوم رجل يشار اليه بالأنغام أملك العقارات و الأطيان و أستورد الدقيق الأبيض و أصدر الذهب الأسود بالأطنان أم أنك لا تقرأ الصحف و الجرائد و ما يتشر فيها عني من مقالات و تحقيقات.
لقد ذهبت أيام الفقر و التفقير وأنا الان رجل أعمال كبير , ظهرت على و جهي علامات العجب قلت من أين لك هذا يا أخا طنجة؟
تركتك قبل سنين تناضل في سبيل قضايا الكادحين و تقود مظاهرات ..تركتك تهتف ضد الامبريالية , و تندد بأثرياء الزور و الرشوة , فكيف أصبحت من رجال الأعمال و لماذا طلقت النضال ؟.
قال أعلم ياصديق الطفولة أننا في زمن ” التخرويض و الممنوعات ” وأن فنجان القهوة الذي تشربه الان فيه ربح لأخيك رشيد و حيثما تنقلت في الأسواق وكلما تشتريه من بضائع و جميع المواد الممنوعة لي فيها نسبة مئوية و أعلم أن النضال في سبيل العمال و الطلاب و الفلاحين و سائر المسحوقين هو أقرب طريق للاثراء بالملايين فاذا أردت الحصول على المال فعليك أن تنسى النضال و الأخلاق.
أيها الصديق القديم توكل على الله و أنسى الأخلاق و القيم و تقدم للميدان لأشركك معي في صفقة استيراد و تغير فيها الفقر و تعيش في رغد طيلة العمر .
قلت بأسى و حسرة و طفرت من عيني عبرة الفقر , صديق قديم و أنا على الوفاء له مقيم و اعلم يا صديقي أن ما تتمتع به من ثراء انما جريمة في حق الضعفاء.
ودعوته و صوته يصيح يا أبا نزار .. انك و الله حمار فأطلقت ساقي للريح و أنا ألعن هذا الزمن القبيح الذي أصبح فيه الحمار و النفار و الغياط و مساح الأحدية من اغنياء هذا البلد و أصبحوا أصحاب الكلمة المسموعة و بيدهم مفاتيح السجون و…و
ولم تمر أيام عن لقاء هذا الصديق العزيز حيث علمت بأنه وراء الشباك , و عاد الى حاله الأول ضعيف البنية و الشخصية فقير من فقراء بيوت الصفيح.

أبو نزار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى